Muslim Library

تفسير ابن كثر - سورة يونس - الآية 24

خيارات حفظ الصفحة والطباعة

حفظ الصفحة بصيغة ووردحفظ الصفحة بصيغة النوت باد أو بملف نصيحفظ الصفحة بصيغة htmlطباعة الصفحة
Facebook Twitter Google+ Pinterest Reddit StumbleUpon Linkedin Tumblr Google Bookmarks Email
إِنَّمَا مَثَلُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الْأَرْضِ مِمَّا يَأْكُلُ النَّاسُ وَالْأَنْعَامُ حَتَّىٰ إِذَا أَخَذَتِ الْأَرْضُ زُخْرُفَهَا وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُهَا أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَا أَتَاهَا أَمْرُنَا لَيْلًا أَوْ نَهَارًا فَجَعَلْنَاهَا حَصِيدًا كَأَن لَّمْ تَغْنَ بِالْأَمْسِ ۚ كَذَٰلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (24) (يونس) mp3
ضَرَبَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى مَثَلًا لِزَهْرَةِ الْحَيَاة الدُّنْيَا وَزِينَتهَا وَسُرْعَة اِنْقِضَائِهَا وَزَوَالهَا بِالنَّبَاتِ الَّذِي أَخْرَجَهُ اللَّه مِنْ الْأَرْض بِمَاءٍ أُنْزِلَ مَنْ السَّمَاء مِمَّا يَأْكُل النَّاس مِنْ زُرُوع وَثِمَار عَلَى اِخْتِلَاف أَنْوَاعهَا وَأَصْنَافهَا وَمَا تَأْكُل الْأَنْعَام مِنْ أَبّ وَقَضْب وَغَيْر ذَلِكَ " حَتَّى إِذَا أَخَذَتْ الْأَرْض زُخْرُفهَا " أَيْ زِينَتهَا الْفَانِيَة " وَازَّيَّنَتْ " أَيْ حَسُنَتْ بِمَا خَرَجَ فِي رُبَاهَا مِنْ زُهُور نَضِرَة مُخْتَلِفَة الْأَشْكَال وَالْأَلْوَان " وَظَنَّ أَهْلهَا " الَّذِينَ زَرَعُوهَا وَغَرَسُوهَا " أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَا " أَيْ عَلَى جِذَاذهَا وَحَصَادهَا فَبَيْنَمَا هُمْ كَذَلِكَ إِذْ جَاءَتْهَا صَاعِقَة أَوْ رِيح شَدِيدَة بَارِدَة فَأَيْبَسَتْ أَوْرَاقهَا وَأَتْلَفَتْ ثِمَارهَا وَلِهَذَا قَالَ تَعَالَى " أَتَاهَا أَمْرنَا لَيْلًا أَوْ نَهَارًا فَجَعَلْنَاهَا حَصِيدًا " أَيْ يَابِسًا بَعْد الْخُضْرَة وَالنَّضَارَة " كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالْأَمْسِ " أَيْ كَأَنَّهَا مَا كَانَتْ حِينًا قَبْل ذَلِكَ وَقَالَ قَتَادَة : كَأَنْ لَمْ تَغْنَ كَأَنْ لَمْ تُنَعَّم وَهَكَذَا الْأُمُور بَعْد زَوَالهَا كَأَنَّهَا لَمْ تَكُنْ . وَلِهَذَا جَاءَ فِي الْحَدِيث " يُؤْتَى بِأَنْعَم أَهْل الدُّنْيَا فَيُغْمَس فِي النَّار غَمْسَة فَيُقَال لَهُ هَلْ رَأَيْت خَيْرًا قَطُّ ؟ هَلْ مَرَّ بِك نَعِيم قَطُّ ؟ فَيَقُول لَا وَيُؤْتَى بِأَشَدّ النَّاس عَذَابًا فِي الدُّنْيَا فَيُغْمَس فِي النَّعِيم غَمْسَة ثُمَّ يُقَال لَهُ هَلْ رَأَيْت بُؤْسًا قَطُّ ؟ فَيَقُول لَا " وَقَالَ تَعَالَى إِخْبَارًا عَنْ الْمُهْلَكِينَ " فَأَصْبَحُوا فِي دَرَاهِم جَاثِمِينَ كَأَنْ لَمْ يَغْنَوْا فِيهَا " ثُمَّ قَالَ تَعَالَى " كَذَلِكَ نُفَصِّل الْآيَات " أَيْ نُبَيِّن الْحُجَج وَالْأَدِلَّة " لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ " فَيَعْتَبِرُونَ بِهَذَا الْمَثَل فِي زَوَال الدُّنْيَا مِنْ أَهْلهَا سَرِيعًا مَعَ اِغْتِرَارهمْ بِهَا وَتَمَكُّنهمْ وَثِقَتهمْ بِمَوَاعِيدِهَا وَتَفَلُّتهَا عَنْهُمْ فَإِنَّ مِنْ طَبْعهَا الْهَرَب مِمَّنْ طَلَبَهَا وَالطَّلَب لِمَنْ هَرَبَ مِنْهَا وَقَدْ ضَرَبَ اللَّه تَعَالَى مَثَل الدُّنْيَا بِنَبَاتِ الْأَرْض فِي غَيْر مَا آيَة مِنْ كِتَابه الْعَزِيز فَقَالَ فِي سُورَة الْكَهْف " وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَل الْحَيَاة الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنْزَلْنَاهُ مِنْ السَّمَاء فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَات الْأَرْض فَأَصْبَحَ هَشِيمًا تَذْرُوهُ الرِّيَاح وَكَانَ اللَّه عَلَى كُلّ شَيْء مُقْتَدِرًا " وَكَذَا فِي سُورَة الزُّمَر وَالْحَدِيد يَضْرِب اللَّه بِذَلِكَ مَثَلَ الْحَيَاة الدُّنْيَا . وَقَالَ اِبْن جَرِير : حَدَّثَنِي الْحَارِث حَدَّثَنَا عَبْد الْعَزِيز حَدَّثَنَا اِبْن عُيَيْنَةَ عَنْ عَمْرو بْن دِينَار عَنْ عَبْد الرَّحْمَن بْن أَبِي بَكْر بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن الْحَارِث بْن هِشَام قَالَ : سَمِعْت مَرْوَان يَعْنِي اِبْن الْحَكَم يَقْرَأ عَلَى الْمِنْبَر : " وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلهَا أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَا وَمَا كَانَ اللَّه لِيُهْلِكهُمْ إِلَّا بِذُنُوبِ أَهْلهَا " قَالَ : قَدْ قَرَأَتْهَا وَلَيْسَتْ فِي الْمُصْحَف فَقَالَ عَبَّاس بْن عَبْد اللَّه بْن عَبَّاس : هَكَذَا يَقْرَؤُهَا اِبْن عَبَّاس فَأَرْسَلُوا إِلَى اِبْن عَبَّاس فَقَالَ : هَكَذَا أَقْرَأَنِي أُبَيّ بْن كَعْب وَهَذِهِ قِرَاءَة غَرِيبَة وَكَأَنَّهَا زِيدَتْ لِلتَّفْسِيرِ .
none
Facebook Twitter Google+ Pinterest Reddit StumbleUpon Linkedin Tumblr Google Bookmarks Email

كتب عشوائيه

  • العشق [ حقيقته .. خطره .. أسبابه .. علاجه ]

    فإن العشق مسلكٌ خَطِر، وموْطِئٌ زَلِقٌ، وبَحْرٌ لُجِّيٌّ، وعالم العشاق مليء بالآلام والآمال، محفوف بالمخاطر والأهوال. هذا وإن البلاء بهذا الداء قدْ عمَّ وطم; ذلك أن محركاته كثيرة، والدواعي إليه متنوعة متشعبة; فلا غرو أن يكثر ضحاياه، والمبتلون به; فحق علينا - إذاً - أن نرحم أهل هذا البلاء، ومن الرحمة بهم إراءتُهم هذا البلاءَ على حقيقته، والبحث في سبل علاجه والوقاية منه.

    الناشر: موقع دعوة الإسلام http://www.toislam.net

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/172681

    التحميل:

  • الجهاد

    الجهاد : رسالة مختصرة تحتوي تعريف الجهاد ومراتبه، مع بيان حكم سفر المسلم إلى بلاد الكفار والإقامة بينهم، وسبب تغلب اليهود وغيرهم على المسلمين في هذا العصر.

    الناشر: شبكة الألوكة http://www.alukah.net

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/265561

    التحميل:

  • صفة حجة النبي صلى الله عليه وسلم

    صفة حجة النبي صلى الله عليه وسلم: ما من عبادة إلا ولها صفة وكيفية; قد تكفل الله - سبحانه - ببيانها; أو بينها رسوله - صلى الله عليه وسلم -; وقد حجَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - بعد هجرته إلى المدينة حجة واحدة; وهي التي سميت بـحجة الوداع; لأنه ودع فيها الناس; وفي هذه الحجة بين النبي - صلى الله عليه وسلم - للأمة مناسك الحج; فقال - صلى الله عليه وسلم -: «خذوا عنّي مناسككم»; وفي هذا الكتاب بيان لصفة حجة النبي - صلى الله عليه وسلم -.

    الناشر: شبكة الألوكة http://www.alukah.net

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/316728

    التحميل:

  • الشجرة النبوية في نسب خير البرية صلى الله عليه وسلم

    الشجرة النبوية في نسب خير البرية صلى الله عليه وسلم: رسالة تحتوي على نسب النبي - صلى الله عليه وسلم - على طريقة شجرة توضيحية، فيها بيان نسب أبيه وأمه، وذكر أعمامه وأخواله وعماته وخالاته، وأزواجه وأبنائه وبناته وأحفاده، وذكر خدَمه وسلاحه ومراكبه، وغير ذلك مما يخُصّ النبي - صلى الله عليه وسلم -، وخُتِم بذكر خلفائه الراشدين ومن تلاهم إلى خلافة عمر بن عبد العزيز - رضي الله عنهم أجمعين -.

    الناشر: موقع المنتدى الإسلامي بالشارقة http://muntada.ae

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/339950

    التحميل:

  • صدقة التطوع في الإسلام في ضوء الكتاب والسنة

    صدقة التطوع في الإسلام في ضوء الكتاب والسنة: قال المصنف - حفظه الله -: «فهذه رسالة مختصرة في «صدقة التطوع في الإسلام» بيَّنت فيها: مفهوم صدقة التطوع، وفضائلها العظيمة، وأفضل صدقات التطوع، والإخلاص شرط في قبول التطوع، وآداب الصدقة، وإطعام الطعام، وثواب الصدقة به، والصدقة على الحيوان، وصدقة القرض الحسن، والصدقة الجارية والوقف، وأن الصدقات من صفات المؤمنين، وصدقة الوصية بعد الموت، وأنّ الهدية، والعطية، والهبة تكون صدقات بالنية، ثم بيَّنت أنواع صدقات التطوع على حسب أنواعها، وذكرت مبطلات الصدقات، وبيَّنت موضوعات متنوعة في الصدقات، وذكرت فضل صدقة إعتاق الرقاب المسلمة، وبيّنت وصول ثواب الصدقات المهداة إلى أموات المسلمين، ثم ذكرت القناعة والعفّة، ثم أنواع المسألة الجائزة والممنوعة, وذكرت الزهد والورع».

    الناشر: المكتب التعاوني للدعوة وتوعية الجاليات بالربوة http://www.IslamHouse.com

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/193661

    التحميل:

اختر سوره

اختر اللغة