Muslim Library

تفسير ابن كثر - سورة الحج - الآية 37

خيارات حفظ الصفحة والطباعة

حفظ الصفحة بصيغة ووردحفظ الصفحة بصيغة النوت باد أو بملف نصيحفظ الصفحة بصيغة htmlطباعة الصفحة
Facebook Twitter Google+ Pinterest Reddit StumbleUpon Linkedin Tumblr Google Bookmarks Email
لَن يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا وَلَٰكِن يَنَالُهُ التَّقْوَىٰ مِنكُمْ ۚ كَذَٰلِكَ سَخَّرَهَا لَكُمْ لِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَىٰ مَا هَدَاكُمْ ۗ وَبَشِّرِ الْمُحْسِنِينَ (37) (الحج) mp3
يَقُول تَعَالَى إِنَّمَا شُرِعَ لَكُمْ نَحْر هَذِهِ الْهَدَايَا الضَّحَايَا لِتَذْكُرُوهُ عِنْد ذَبْحهَا فَإِنَّهُ الْخَالِق الرَّازِق لَا يَنَالهُ شَيْء مِنْ لُحُومهَا وَلَا دِمَائِهَا فَإِنَّهُ تَعَالَى هُوَ الْغَنِيّ عَمَّا سِوَاهُ وَقَدْ كَانُوا فِي جَاهِلِيَّتهمْ إِذَا ذَبَحُوهَا لِآلِهَتِهِمْ وَضَعُوا عَلَيْهَا مِنْ لُحُوم قَرَابِينهمْ وَنَضَحُوا عَلَيْهَا مِنْ دِمَائِهَا فَقَالَ تَعَالَى " لَنْ يَنَال اللَّه لُحُومهَا وَلَا دِمَاؤُهَا " وَقَالَ اِبْن أَبِي حَاتِم حَدَّثَنَا عَلِيّ اِبْن الْحُسَيْن حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن أَبِي حَمَّاد حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيم بْن الْمُخْتَار عَنْ اِبْن جُرَيْج قَالَ كَانَ أَهْل الْجَاهِلِيَّة يَنْضَحُونَ الْبَيْت بِلُحُومِ الْإِبِل وَدِمَائِهَا فَقَالَ أَصْحَاب رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَنَحْنُ أَحَقّ أَنْ نَنْضَح فَأَنْزَلَ اللَّه " لَنْ يَنَال اللَّه لُحُومهَا وَلَا دِمَاؤُهَا وَلَكِنْ يَنَالهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ " أَيْ يَتَقَبَّل ذَلِكَ وَيَجْزِي عَلَيْهِ كَمَا جَاءَ فِي الصَّحِيح " إِنَّ اللَّه لَا يَنْظُر إِلَى صُوَركُمْ وَلَا إِلَى أَمْوَالكُمْ وَلَكِنْ يَنْظُر إِلَى قُلُوبكُمْ وَأَعْمَالكُمْ" وَجَاءَ فِي الْحَدِيث " إِنَّ الصَّدَقَة تَقَع فِي يَد الرَّحْمَن قَبْل أَنْ تَقَع فِي يَد السَّائِل إِنَّ الدَّم لَيَقَع مِنْ اللَّه بِمَكَانٍ قَبْل أَنْ يَقَع إِلَى الْأَرْض " كَمَا تَقَدَّمَ فِي الْحَدِيث رَوَاهُ اِبْن مَاجَهْ وَالتِّرْمِذِيّ وَحَسَّنَهُ عَنْ عَائِشَة مَرْفُوعًا فَمَعْنَاهُ أَنَّهُ سِيقَ لِتَحْقِيقِ الْقَبُول مِنْ اللَّه لِمَنْ أَخْلَصَ فِي عَمَله وَلَيْسَ لَهُ مَعْنًى يَتَبَادَر عِنْد الْعُلَمَاء الْمُحَقِّقِينَ سِوَى هَذَا وَاَللَّه أَعْلَم وَقَالَ وَكِيع عَنْ يَحْيَى بْن مُسْلِم بْن الضَّحَّاك سَأَلْت عَامِرًا الشَّعْبِيّ عَنْ جُلُود الْأَضَاحِيّ فَقَالَ " لَنْ يَنَال اللَّه لُحُومهَا وَلَا دِمَاؤُهَا" إِنْ شِئْت فَبِعْ وَإِنْ شِئْت فَأَمْسِكْ وَإِنْ شِئْت فَتَصَدَّقْ وَقَوْله " كَذَلِكَ سَخَّرَهَا لَكُمْ " أَيْ مِنْ أَجْل ذَلِكَ سَخَّرَ لَكُمْ الْبُدْن " لِتُكَبِّرُوا اللَّه عَلَى مَا هَدَاكُمْ " أَيْ لِتُعَظِّمُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ لِدِينِهِ وَشَرْعه وَمَا يُحِبّهُ وَيَرْضَاهُ وَنَهَاكُمْ عَنْ فِعْل مَا يَكْرَههُ وَيَأْبَاهُ وَقَوْله " وَبَشِّرْ الْمُحْسِنِينَ " أَيْ وَبَشِّرْ يَا مُحَمَّد الْمُحْسِنِينَ أَيْ فِي عَمَلهمْ الْقَائِمِينَ بِحُدُودِ اللَّه الْمُتَّبِعِينَ مَا شُرِعَ لَهُمْ الْمُصَدِّقِينَ الرَّسُول فِيمَا أَبْلَغَهُمْ وَجَاءَهُمْ بِهِ مِنْ عِنْد رَبّه عَزَّ وَجَلَّ " مَسْأَلَة " وَقَدْ ذَهَبَ أَبُو حَنِيفَة وَمَالِك وَالثَّوْرِيّ إِلَى الْقَوْل بِوُجُوبِ الْأُضْحِيَّة عَلَى مَنْ مَلَكَ نِصَابًا وَزَادَ أَبُو حَنِيفَة اِشْتِرَاط الْإِقَامَة أَيْضًا وَاحْتَجَّ لَهُمْ بِمَا رَوَاهُ أَحْمَد وَابْن مَاجَهْ بِإِسْنَادٍ رِجَاله كُلّه ثِقَات عَنْ أَبِي هُرَيْرَة مَرْفُوعًا " مَنْ وَجَدَ سَعَة فَلَمْ يُضَحِّ فَلَا يَقْرَبَنَّ مُصَلَّانَا " عَلَى أَنَّ فِيهِ غَرَابَة وَاسْتَنْكَرَهُ أَحْمَد بْن حَنْبَل وَقَالَ اِبْن عُمَر : أَقَامَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَشْر سِنِينَ يُضَحِّي رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ وَقَالَ الشَّافِعِيّ وَأَحْمَد لَا تَجِب الْأُضْحِيَّة بَلْ هِيَ مُسْتَحَبَّة لِمَا جَاءَ فِي الْحَدِيث" لَيْسَ فِي الْمَال حَقّ سِوَى الزَّكَاة " وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام ضَحَّى عَنْ أُمَّته فَأَسْقَطَ ذَلِكَ وُجُوبهَا عَنْهُمْ وَقَالَ أَبُو سَرِيحَة كُنْت جَارًا لِأَبِي بَكْر وَعُمَر فَكَانَا لَا يُضَحِّيَانِ خَشْيَة أَنْ يَقْتَدِي النَّاس بِهِمَا وَقَالَ بَعْض النَّاس الْأُضْحِيَّة سُنَّة كِفَايَة إِذَا قَامَ بِهَا وَاحِد مِنْ أَهْل دَار أَوْ مَحَلَّة أَوْ بَيْت سَقَطَتْ عَنْ الْبَاقِينَ لِأَنَّ الْمَقْصُود إِظْهَار الشِّعَار : وَقَدْ رَوَى الْإِمَام أَحْمَد وَأَهْل السُّنَن وَحَسَّنَهُ التِّرْمِذِيّ عَنْ مِحْنَف بْن سُلَيْم أَنَّهُ سَمِعَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُول بِعَرَفَاتٍ " عَلَى كُلّ أَهْل بَيْت فِي كُلّ عَام أُضْحِيَّة وَعَتِيرَة هَلْ تَدْرُونَ مَا الْعَتِيرَة ؟ هِيَ الَّتِي تَدْعُونَهَا الرَّجَبِيَّة" وَقَدْ تُكُلِّمَ فِي إِسْنَاده وَقَالَ أَبُو أَيُّوب كَانَ الرَّجُل فِي عَهْد رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُضَحِّي بِالشَّاةِ الْوَاحِدَة عَنْهُ وَعَنْ أَهْل بَيْته فَيَأْكُلُونَ وَيُطْعِمُونَ حَتَّى تَبَاهَى النَّاس فَصَارَ كَمَا تَرَى رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ وَصَحَّحَهُ وَابْن مَاجَهْ وَكَانَ عَبْد اللَّه بْن هِشَام يُضَحِّي بِالشَّاةِ الْوَاحِدَة عَنْ جَمِيع أَهْله رَوَاهُ الْبُخَارِيّ وَأَمَّا مِقْدَار سِنّ الْأُضْحِيَّة فَقَدْ رَوَى مُسْلِم عَنْ جَابِر أَنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ " لَا تَذْبَحُوا إِلَّا مُسِنَّة إِلَّا أَنْ تَعْسُر عَلَيْكُمْ فَتَذْبَحُوا جَذَعَة مِنْ الضَّأْن " وَمِنْ هَهُنَا ذَهَبَ الزُّهْرِيّ إِلَى أَنَّ الْجَذَع لَا يُجْزِئ وَقَابَلَهُ الْأَوْزَاعِيّ فَذَهَبَ إِلَى أَنَّ الْجَذَعَ يُجْزِئ مِنْ كُلّ جِنْس وَهُمَا غَرِيبَانِ وَاَلَّذِي عَلَيْهِ الْجُمْهُور إِنَّمَا يُجْزِئ الثَّنِيّ مِنْ الْإِبِل وَالْبَقَر وَالْمَعْز أَوْ الْجَذَع مِنْ الضَّأْن فَأَمَّا الثَّنِيّ مِنْ الْإِبِل فَهُوَ الَّذِي لَهُ خَمْس سِنِينَ وَدَخَلَ فِي السَّادِسَة وَمِنْ الْبَقَر مَا لَهُ سَنَتَانِ وَدَخَلَ فِي الثَّالِثَة وَقِيلَ مَا لَهُ ثَلَاث وَدَخَلَ فِي الرَّابِعَة وَمِنْ الْمَعْز مَا لَهُ سَنَتَانِ وَأَمَّا الْجَذَع مِنْ الضَّأْن فَقِيلَ مَا لَهُ سَنَة وَقِيلَ عَشْرَة أَشْهُر وَقِيلَ ثَمَانِيَة وَقِيلَ سِتَّة أَشْهُر وَهُوَ أَقَلّ مَا قِيلَ فِي سِنّه وَمَا دُونه فَهُوَ حَمَل وَالْفَرْق بَيْنهمَا أَنَّ الْحَمَل شَعْر ظَهْره قَائِم وَالْجَذَع شَعْر ظَهْره نَائِم قَدْ اِنْفَرَقَ صُدْغَيْنِ وَاَللَّه أَعْلَم .
none
Facebook Twitter Google+ Pinterest Reddit StumbleUpon Linkedin Tumblr Google Bookmarks Email

كتب عشوائيه

  • فقه النوازل

    فقه النوازل : 3 مجلدات، فيها 15 رسالة، وقد رفعنا المجلد الأول والثاني. المجلد الأول: طبع عام 1407هـ في 281 صفحة اشتمل على خمسة رسائل هي ما يلي: - التقنين والإلزام، - المواضعة في الاصطلاح، - خطاب الضمان، - جهاز الإنعاش، - طرق الإنجاب الحديثة. المجلد الثاني: طبع عام 1409هـ وفيه خمس رسائل هي: - التشريح الجثماني، - بيع المواعدة، - حق التأليف، - الحساب الفلكي، - دلالة البوصلة.

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/172263

    التحميل:

  • تلخيص كتاب الصيام من الشرح الممتع

    يقول المؤلف: هذا ملخص في كتاب الصيام (( للشرح الممتع على زاد المستقنع )) للشيخ العلامه ابن عثيمين رحمه الله، وقد اقتصرت فيه على القول الراجح أو ما يشير إليه الشيخ رحمه الله أنه الراجح، مع ذكر اختيار شيخ الإسلام أو أحد المذاهب الأربعه، إذا كان الشيخ ابن عثيمين رحمه الله يرى ترجيحه، مع ذكر المتن وتوضيح ذلك إذا احتجنا لتوضيحه، ومع ذكر بعض المسائل والفوائد المكمله للباب للشيخ رحمه الله، وذكر استدراكاته على المتن إن كان هناك استدراكات.

    الناشر: شبكة الألوكة http://www.alukah.net

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/286177

    التحميل:

  • آداب الغذاء في الإسلام

    في هذه الرسالة بيان بعض آداب الغذاء في الإسلام، وأصلها بحث ألقاه الشيخ - حفظه الله - في " الندوة السعودية الثانية للغذاء والتغذية " التي أقامتها كلية الزراعة بجامعة الملك سعود بالرياض، في الفترة من 4 إلى 7 جمادى الآخرة سنة 1415هـ.

    الناشر: شبكة الألوكة http://www.alukah.net - دار الصميعي للنشر والتوزيع

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/167457

    التحميل:

  • تأملات في قوله تعالى: { وأزواجه أمهاتهم }

    تأملات في قوله تعالى: { وأزواجه أمهاتهم }: بحثٌ مشتملٌ على لطائف متفرقة وفوائد متنوعة مستفادة من النظر والتأمل لقوله تعالى في حق أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم -: { وأزواجه أمهاتهم } [الأحزاب: 6]; حيث جعلهن الله - تبارك وتعالى - أمهاتٍ للمؤمنين.

    الناشر: موقع الشيخ عبد الرزاق البدر http://www.al-badr.net

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/316843

    التحميل:

  • تفسير القرآن العظيم [ جزء عم ]

    تفسير القرآن العظيم [ جزء عم ]: قال المصنف - حفظه الله -: «فإن من أجلِّ العلوم قدرًا، وأرفعها ذكرًا، العلم المتعلق بأشرف الكلام وأجله وأسماه كلام الله جل في علاه، وهو علم التفسير، إذ أن المشتغل به آخذ بروح التلاوة ولبها، ومقصودها الأعظم ومطلوبها الأهم، الذي تشرح به الصدور، وتستنير بضيائه القلوب، وهو التدبر ... ورغبةً في تحصيل هذه الفضائل وغيرها مما يطول المقام عن استقصائها ورغبة في إهداء الناس عامة شيئًا من الكنوز العظيمة واللآلئ والدرر التي يحويها كتاب الله؛ كان هذا التفسير المختصر الميسر لآخر جزء في كتاب الله تعالى - وهو جزء عم -، وذلك لكثرة قراءته وترداده بين الناس في الصلاة وغيرها، وقد جعلته على نسق واحد، وجمعت فيه بين أقوال المفسرين».

    الناشر: دار القاسم - موقع الكتيبات الإسلامية http://www.ktibat.com

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/345924

    التحميل:

اختر سوره

اختر اللغة