Muslim Library

تفسير ابن كثر - سورة يس - الآية 38

خيارات حفظ الصفحة والطباعة

حفظ الصفحة بصيغة ووردحفظ الصفحة بصيغة النوت باد أو بملف نصيحفظ الصفحة بصيغة htmlطباعة الصفحة
Facebook Twitter Google+ Pinterest Reddit StumbleUpon Linkedin Tumblr Google Bookmarks Email
وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَّهَا ۚ ذَٰلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ (38) (يس) mp3
وَقَوْله جَلَّ جَلَاله " وَالشَّمْس تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا ذَلِكَ تَقْدِير الْعَزِيز الْعَلِيم " فِي مَعْنَى قَوْله " لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا " قَوْلَانِ أَحَدهمَا أَنَّ الْمُرَاد مُسْتَقَرّهَا الْمَكَانِيّ وَهُوَ تَحْت الْعَرْش مِمَّا يَلِي الْأَرْض فِي ذَلِكَ الْجَانِب وَهِيَ أَيْنَمَا كَانَتْ فَهِيَ تَحْت الْعَرْش وَجَمِيع الْمَخْلُوقَات لِأَنَّهُ سَقْفهَا وَلَيْسَ بِكُرَةٍ كَمَا يَزْعُمهُ كَثِير مِنْ أَرْبَاب الْهَيْئَة وَإِنَّمَا هُوَ قُبَّة ذَات قَوَائِم تَحْمِلهُ الْمَلَائِكَة وَهُوَ فَوْق الْعَالَم مِمَّا يَلِي رُءُوس النَّاس فَالشَّمْس إِذَا كَانَتْ فِي قُبَّة الْفَلَك وَقْت الظَّهِيرَة تَكُون أَقْرَب مَا تَكُون إِلَى الْعَرْش فَإِذَا اِسْتَدَارَتْ فِي فَلَكهَا الرَّابِع إِلَى مُقَابَلَة هَذَا الْمَقَام وَهُوَ وَقْت نِصْف اللَّيْل صَارَتْ أَبْعَد مَا تَكُون إِلَى الْعَرْش فَحِينَئِذٍ تَسْجُد وَتَسْتَأْذِن فِي الطُّلُوع كَمَا جَاءَتْ بِذَلِكَ الْأَحَادِيث قَالَ الْبُخَارِيّ حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْم حَدَّثَنَا الْأَعْمَش عَنْ إِبْرَاهِيم التَّيْمِيّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي ذَرّ رَضِيَ اللَّه عَنْهُ قَالَ : كُنْت مَعَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْمَسْجِد عِنْد غُرُوب الشَّمْس فَقَالَ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " يَا أَبَا ذَرّ أَتَدْرِي أَيْنَ تَغْرُب الشَّمْس ؟ " قُلْت اللَّه وَرَسُوله أَعْلَم قَالَ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . " فَإِنَّهَا تَذْهَب حَتَّى تَسْجُد تَحْت الْعَرْش فَذَلِكَ قَوْله تَعَالَى : " وَالشَّمْس تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا ذَلِكَ تَقْدِير الْعَزِيز الْعَلِيم " حَدَّثَنَا عَبْد اللَّه بْن الزُّبَيْر الْحُمَيْدِيّ حَدَّثَنَا وَكِيع عَنْ الْأَعْمَش عَنْ إِبْرَاهِيم التَّيْمِيّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي ذَرّ رَضِيَ اللَّه عَنْهُ قَالَ : سَأَلْت رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ قَوْله تَبَارَكَ وَتَعَالَى : " وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا " قَالَ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " مُسْتَقَرُّهَا تَحْت الْعَرْش " هَكَذَا أَوْرَدَهُ هَهُنَا وَقَدْ أَخْرَجَهُ فِي أَمَاكِن مُتَعَدِّدَة وَرَوَاهُ بَقِيَّة الْجَمَاعَة إِلَّا اِبْن مَاجَهْ مِنْ طُرُق عَنْ الْأَعْمَش بِهِ وَقَالَ الْإِمَام أَحْمَد حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عُبَيْد عَنْ الْأَعْمَش عَنْ إِبْرَاهِيم التَّيْمِيّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي ذَرّ قَالَ كُنْت مَعَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْمَسْجِد حِين غَرَبَتْ الشَّمْس فَقَالَ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " يَا أَبَا ذَرّ أَتَدْرِي أَيْنَ تَذْهَب الشَّمْس ؟ " قُلْت اللَّه وَرَسُوله أَعْلَم قَالَ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " فَإِنَّهَا تَذْهَب حَتَّى تَسْجُد بَيْن يَدَيْ رَبّهَا عَزَّ وَجَلَّ فَتَسْتَأْذِن فِي الرُّجُوع فَيُؤْذَن لَهَا وَكَأَنَّهَا قَدْ قِيلَ لَهَا اِرْجِعِي مِنْ حَيْثُ جِئْت فَتَرْجِع إِلَى مَطْلِعهَا وَذَلِكَ مُسْتَقَرّهَا " ثُمَّ قَرَأَ " وَالشَّمْس تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا " قَالَ سُفْيَان الثَّوْرِيّ عَنْ الْأَعْمَش عَنْ إِبْرَاهِيم التَّيْمِيّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي ذَرّ رَضِيَ اللَّه عَنْهُ قَالَ : قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَبِي ذَرّ حِين غَرَبَتْ الشَّمْس " أَتَدْرِي أَيْنَ تَذْهَب ؟ " قُلْت اللَّه وَرَسُوله أَعْلَم قَالَ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " فَإِنَّهَا تَذْهَب حَتَّى تَسْجُد تَحْت الْعَرْش فَتَسْتَأْذِن فَيُؤْذَن لَهَا وَيُوشِك أَنْ تَسْجُد فَلَا يُقْبَل مِنْهَا وَتَسْتَأْذِن فَلَا يُؤْذَن لَهَا وَيُقَال لَهَا اِرْجِعِي مِنْ حَيْثُ جِئْت فَتَطْلُع مِنْ مَغْرِبهَا فَذَلِكَ قَوْله تَعَالَى : " وَالشَّمْس تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا ذَلِكَ تَقْدِير الْعَزِيز الْعَلِيم " . وَقَالَ عَبْد الرَّزَّاق أَخْبَرَنَا مَعْمَر عَنْ أَبِي إِسْحَاق عَنْ وَهْب بْن جَابِر عَنْ عَبْد اللَّه بْن عَمْرو رَضِيَ اللَّه عَنْهُمَا قَالَ فِي قَوْله تَعَالَى : " وَالشَّمْس تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا " قَالَ إِنَّ الشَّمْس تَطْلُع فَتَرُدّهَا ذُنُوب بَنِي آدَم حَتَّى إِذَا غَرَبَتْ سَلَّمَتْ وَسَجَدَتْ وَاسْتَأْذَنَتْ فَيُؤْذَن لَهَا حَتَّى إِذَا كَانَ يَوْم غَرَبَتْ فَسَلَّمَتْ وَسَجَدَتْ وَاسْتَأْذَنَتْ فَلَا يُؤْذَن لَهَا فَتَقُول إِنَّ الْمَسِير بَعِيد وَإِنِّي إِنْ لَا يُؤْذَن لِي لَا أَبْلُغ فَتُحْبَس مَا شَاءَ اللَّه أَنْ تُحْبَس ثُمَّ يُقَال لَهَا اُطْلُعِي مِنْ حَيْثُ غَرَبْت قَالَ فَمِنْ يَوْمئِذٍ إِلَى يَوْم الْقِيَامَة لَا يَنْفَع نَفْسًا إِيمَانهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْل أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانهَا خَيْرًا وَقِيلَ الْمُرَاد بِمُسْتَقَرِّهَا هُوَ اِنْتِهَاء سَيْرهَا وَهُوَ غَايَة اِرْتِفَاعهَا فِي السَّمَاء فِي الصَّيْف وَهُوَ أَوْجهَا ثُمَّ غَايَة اِنْخِفَاضهَا فِي الشِّتَاء وَهُوَ الْحَضِيض " وَالْقَوْل الثَّانِي " أَنَّ الْمُرَاد بِمُسْتَقَرِّهَا هُوَ مُنْتَهَى سَيْرهَا وَهُوَ يَوْم الْقِيَامَة يَبْطُل سَيْرهَا وَتَسْكُن حَرَكَتهَا وَتُكَوَّر وَيَنْتَهِي هَذَا الْعَالَم إِلَى غَايَته وَهَذَا هُوَ مُسْتَقَرّهَا الزَّمَانِيّ قَالَ قَتَادَة " لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا " أَيْ لِوَقْتِهَا وَلِأَجَلٍ لَا تَعْدُوهُ وَقِيلَ الْمُرَاد أَنَّهَا لَا تَزَال تَنْتَقِل فِي مَطَالِعهَا الصَّيْفِيَّة إِلَى مُدَّة لَا تَزِيد عَلَيْهَا ثُمَّ تَنْتَقِل فِي مَطَالِع الشِّتَاء إِلَى مُدَّة لَا تَزِيد عَلَيْهَا يُرْوَى هَذَا عَنْ عَبْد اللَّه بْن عَمْرو رَضِيَ اللَّه عَنْهُمَا . وَقَرَأَ اِبْن مَسْعُود وَابْن عَبَّاس رَضِيَ اللَّه عَنْهُمْ " وَالشَّمْس تَجْرِي لَا مُسْتَقَرّ لَهَا " أَيْ لَا قَرَار لَهَا وَلَا سُكُون بَلْ هِيَ سَائِرَة لَيْلًا وَنَهَارًا لَا تَفْتُر وَلَا تَقِف كَمَا قَالَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى " وَسَخَّرَ لَكُمْ الشَّمْس وَالْقَمَر دَائِبَيْنِ " أَيْ لَا يَفْتُرَانِ وَلَا يَقِفَانِ إِلَى يَوْم الْقِيَامَة " ذَلِكَ تَقْدِير الْعَزِيز " أَيْ الَّذِي لَا يُخَالَف وَلَا يُمَانَع " الْعَلِيم " بِجَمِيعِ الْحَرَكَات وَالسَّكَنَات وَقَدْ قَدَّرَ ذَلِكَ وَوَقَّتَهُ عَلَى مِنْوَال لَا اِخْتِلَاف فِيهِ وَلَا تَعَاكُس كَمَا قَالَ عَزَّ وَجَلَّ " فَالِق الْإِصْبَاح وَجَعَلَ اللَّيْل سَكَنًا وَالشَّمْس وَالْقَمَر حُسْبَانًا ذَلِكَ تَقْدِير الْعَزِيز الْعَلِيم " وَهَكَذَا خَتَمَ آيَة حم السَّجْدَة بِقَوْلِهِ تَعَالَى : " ذَلِكَ تَقْدِير الْعَزِيز الْعَلِيم " .
none
Facebook Twitter Google+ Pinterest Reddit StumbleUpon Linkedin Tumblr Google Bookmarks Email

كتب عشوائيه

  • من مشاهد القيامة وأهوالها وما يلقاه الإنسان بعد موته

    في هذه الرسالة التحذير من الافتتان والاغترار بالدنيا الفانية والإعراض عن الآخرة الباقية، ثم ذكر بعض أهوال يوم القيامة، ثم ذكر وصف جنات النعيم وأهلها، ثم ذكر أعمال أهل الجنة وأعمال أهل النار.

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/209203

    التحميل:

  • وسائل الثبات على دين الله

    وسائل الثبات على دين الله: فإن الثبات على دين الله مطلب أساسي لكل مسلم صادق يريد سلوك الصراط المستقيم بعزيمة ورشد. ولا شك عند كل ذي لُبٍّ أن حاجة المسلم اليوم لوسائل الثبات أعظم من حاجة أخيه أيام السلف، والجهد المطلوب لتحقيقه أكبر؛ لفساد الزمان، ونُدرة الأخوان، وضعف المُعين، وقلَّة الناصر. ومن رحمة الله - عز وجل - بنا أن بيَّن لنا في كتابه وعلى لسان نبيِّه وفي سيرته - عليه الصلاة والسلام - وسائل كثيرة للثبات. وفي هذه الرسالة بعضٌ من هذه الوسائل.

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/344364

    التحميل:

  • وبشر الصابرين

    وبشر الصابرين: قال المُصنِّف - حفظه الله -: «هذه ورقات من دفتر الصبر، ونفحات من سجل الشكر، وومضات من ضياء الاحتساب، وحروف من ألَقِ الصابرين، وقصص الشاكرين، أزُفُّها إلى كل مسلم رضي بالله ربًّا، وبالإسلام دينًا، وبمحمد - صلى الله عليه وسلم - نبيًّا، فإن الصبر درعٌ لكل مسلم، ووقاءٌ لكل مؤمنٍ، وملاذٌ - بعد الله - لكل مُوحِّد. أبعثُها إلى كل من ابتُلِي ببلاء، أو تعرَّضَ لعناء، أو مرَّ به شَقَاء، فإن الصبرَ سلوةٌ له في الدنيا، ورفعةٌ له في الآخرة... أُقدِّمها إلى كل أبٍ احترق فؤاده، وتمزَّق قلبه، وجزَعَت نفسه لغيابٍ لقُرَّة العين، أو فقدٍ لأحد المحبين، فإن له في ربه عزاء، وفي مولاه رجاء، وفي صبره ضياء. إلى كل أمٍّ تنام الأعين ولا تنام، ويضحك الناس وتبكي، وتهدأ القلوب ولا يهدأ قلبها ولا يسكن حزنها، إما لنازلةٍ مؤلمةٍ، أو قارعةٍ مُزعجةٍ، أو فاجعةٍ مُحزِنةٍ، أو غيبةٍ لثمرة الفؤاد، ونور العين، وجلاء الحزن، أو أسرٍ لفلذة الكبد، أو قتل لعنوان السعادة، فإن الصبر والاحتساب يضمن اللقاء بالغائب، والاجتماع بالأحبة، والأنس بثمرات الأكباد، حينما يُوفَّى الصابرون أجرهم بغير حساب، إنه لقاءٌ في جنَّاتٍ ونهر، في مقعد صدقٍ عند مليكٍ مُقتدِر».

    الناشر: وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية بالكويت http://islam.gov.kw/cms

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/381059

    التحميل:

  • رسالة في أحكام الطهارة

    كتاب الطهارة : رسالة مختصرة للإمام المجدد محمد بن عبد الوهاب - رحمه الله - بين فيها أحكام الطهارة.

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/264150

    التحميل:

  • مجموعة رسائل علمية [ مقبل بن هادي الوادعي ]

    مجموعة رسائل علمية [ مقبل بن هادي الوادعي ]: يحتوي هذا الكتاب على مجموعةٍ من رسائل الشيخِ العلامة مُقبل بن هادي الوادعي - رحمه الله تعالى -، وهي: 1- شرعيَّةُ الصلاة في النِّعالِ. 2- تحريمُ الخِضابِ بالسوادِ. 3- الجمعُ بين الصلاتين في السفر. 4- إيضاحُ المقالِ في أسبابِ الزلزالِ والردِّ على الملاحِدَةِ الضُّلاَّلِ. 5- ذمُّ المسألةِ.

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/381134

    التحميل:

اختر سوره

اختر اللغة