Muslim Library

تفسير القرطبي - سورة القيامة - الآية 1

خيارات حفظ الصفحة والطباعة

حفظ الصفحة بصيغة ووردحفظ الصفحة بصيغة النوت باد أو بملف نصيحفظ الصفحة بصيغة htmlطباعة الصفحة
Facebook Twitter Google+ Pinterest Reddit StumbleUpon Linkedin Tumblr Google Bookmarks Email
لَا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ (1) (القيامة) mp3
قِيلَ : إِنَّ " لَا " صِلَة , وَجَازَ وُقُوعهَا فِي أَوَّل السُّورَة ; لِأَنَّ الْقُرْآنَ مُتَّصِل بَعْضه بِبَعْضٍ , فَهُوَ فِي حُكْم كَلَام وَاحِد ; وَلِهَذَا قَدْ يُذْكَر الشَّيْء فِي سُورَة وَيَجِيء جَوَابه فِي سُورَة أُخْرَى ; كَقَوْلِهِ تَعَالَى : " وَقَالُوا يَا أَيّهَا الَّذِي نُزِّلَ عَلَيْهِ الذِّكْر إِنَّك لَمَجْنُونٌ " [ الْحِجْر : 6 ] .

وَجَوَابه فِي سُورَة أُخْرَى : " مَا أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبّك بِمَجْنُونٍ " [ الْقَلَم : 2 ] . وَمَعْنَى الْكَلَام : أُقْسِم بِيَوْمِ الْقِيَامَة ; قَالَهُ اِبْن عَبَّاس وَابْن جُبَيْر وَأَبُو عُبَيْدَة ; وَمِثْله قَوْل الشَّاعِر : تَذَكَّرْت لَيْلَى فَاعْتَرَتْنِي صَبَابَة فَكَادَ صَمِيم الْقَلْب لَا يَتَقَطَّع وَحَكَى أَبُو اللَّيْث السَّمَرْقَنْدِيّ : أَجْمَعَ الْمُفَسِّرُونَ أَنَّ مَعْنَى " لَا أُقْسِم " : أُقْسِم . وَاخْتَلَفُوا فِي تَفْسِير : " لَا " قَالَ بَعْضهمْ : " لَا " زِيَادَةٌ فِي الْكَلَام لِلزِّينَةِ , وَيَجْرِي فِي كَلَام الْعَرَب زِيَادَة " لَا " كَمَا قَالَ فِي آيَة أُخْرَى : " قَالَ مَا مَنَعَك أَنْ لَا تَسْجُدَ " [ ص : 75 ] . يَعْنِي أَنْ تَسْجُدَ , وَقَالَ بَعْضهمْ : " لَا " : رَدٌّ لِكَلَامِهِمْ حَيْثُ أَنْكَرُوا الْبَعْثَ , فَقَالَ : لَيْسَ الْأَمْر كَمَا زَعَمْتُمْ . قُلْت : وَهَذَا قَوْل الْفَرَّاء ; قَالَ الْفَرَّاء : وَكَثِير مِنْ النَّحْوِيِّينَ يَقُولُونَ " لَا " صِلَة , وَلَا يَجُوز أَنْ يُبْدَأ بِجَحْدٍ ثُمَّ يُجْعَل صِلَة ; لِأَنَّ هَذَا لَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَمْ يُعْرَف خَبَر فِيهِ جَحْد مِنْ خَبَر لَا جَحْدَ فِيهِ , وَلَكِنَّ الْقُرْآنَ جَاءَ بِالرَّدِّ عَلَى الَّذِينَ أَنْكَرُوا الْبَعْثَ وَالْجَنَّةَ وَالنَّارَ , فَجَاءَ الْإِقْسَام بِالرَّدِّ عَلَيْهِمْ ( فِي كَثِير مِنْ الْكَلَام الْمُبْتَدَأ مِنْهُ وَغَيْر الْمُبْتَدَأ ) وَذَلِكَ كَقَوْلِهِمْ لَا وَاَللَّه لَا أَفْعَل ف " لَا " رَدّ لِكَلَامٍ قَدْ مَضَى , وَذَلِكَ كَقَوْلِك : لَا وَاَللَّه إِنَّ الْقِيَامَةَ لَحَقٌّ , كَأَنَّك أَكَذَبْت قَوْمًا أَنْكَرُوهُ . وَأَنْشَدَ غَيْر الْفَرَّاء لِامْرِئِ الْقَيْس : فَلَا وَأَبِيكِ اِبْنَةَ الْعَامِرِيّ لَا يَدَّعِي الْقَوْمَ أَنِّي أَفِرّ وَقَالَ غُوَيَّة بْن سَلْمَى : أَلَا نَادَتْ أُمَامَةُ بِاحْتِمَالِ لِتَحْزُنَنِي فَلَا بِكِ مَا أُبَالِي وَفَائِدَتهَا تَوْكِيد الْقَسَم فِي الرَّدّ . قَالَ الْفَرَّاء : وَكَانَ مَنْ لَا يَعْرِف هَذِهِ الْجِهَة يَقْرَأ " لَأُقْسِمُ " بِغَيْرِ أَلِف ; كَأَنَّهَا لَام تَأْكِيد دَخَلَتْ عَلَى أُقْسِم , وَهُوَ صَوَاب ; لِأَنَّ الْعَرَبَ تَقُول : لَأُقْسِم بِاَللَّهِ وَهِيَ قِرَاءَة الْحَسَن وَابْن كَثِير وَالزُّهْرِيّ وَابْن هُرْمُز " بِيَوْمِ الْقِيَامَة " أَيْ بِيَوْم يَقُوم النَّاس فِيهِ لِرَبِّهِمْ , وَلِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ أَنْ يُقْسِم بِمَا شَاءَ .
none
Facebook Twitter Google+ Pinterest Reddit StumbleUpon Linkedin Tumblr Google Bookmarks Email

كتب عشوائيه

  • الوسائل المفيدة للحياة السعيدة

    الوسائل المفيدة للحياة السعيدة: هذا الكتاب يتناول الحديث عن الوسائل والأسباب التي تضفي على من اتخذها وقام بتحقيقها السرور والسعادة والطمأنينة في القلب، وتزيل عنه الهم والغم والقلق النفسي.

    الناشر: موقع الإسلام http://www.al-islam.com

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/2113

    التحميل:

  • من أحكام المريض وآدابه

    في هذه الرسالة بين بعض أحكام المريض وآدابه.

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/209196

    التحميل:

  • الإمامة في الصلاة في ضوء الكتاب والسنة

    الإمامة في الصلاة في ضوء الكتاب والسنة: قال المصنف - حفظه الله -: «فهذه رسالة مختصرة في «الإمامة في الصلاة» بيّنت فيها بإيجاز: مفهوم الإمامة، وفضل الإمامة في الصلاة والعلم، وحكم طلب الإمامة إذا صلحت النّيّة، وأولى الناس بالإمامة، وأنواع الأئمة والإمامة، وأنواع وقوف المأموم مع الإمام، وأهمية الصفوف في الصلاة وترتيبها، وتسويتها، وألفاظ النبي - صلى الله عليه وسلم - في تسويتها، وفضل الصفوف الأُوَل وميامن الصفوف، وحكم صلاة المنفرد خلف الصف، وصلاة المأمومين بين السواري، وجواز انفراد المأموم لعذر، وانتقال المنفرد إماماً، والإمام مأموماً، والمأموم إماماً، وأحوال المأموم مع الإمام، وأحكام الاقتداء بالإمام داخل المسجد وخارجه، والاقتداء بمن أخطأ بترك شرط أو ركن ولم يعلم المأموم، والاقتداء بمن ذكر أنه مُحدث وحكم الاستخلاف، وآداب الإمام، وآداب المأموم، وغير ذلك من الأحكام المهمة المتعلقة بالإمامة وآدابها، وكل ذلك بالأدلة من الكتاب والسنة، حسب الإمكان».

    الناشر: المكتب التعاوني للدعوة وتوعية الجاليات بالربوة http://www.IslamHouse.com

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/2105

    التحميل:

  • من مدرسة الحج

    من مدرسة الحج: قال المصنف - حفظه الله -: «فهذا مجموعٌ يحوي ثلاث رسائل تتعلَّق بالحج، تختصُّ بجانب الدروس المُستفادة منه، والعِبَر التي تُنهَل من مَعينه .. وقد طُبِعَت مفردةً غير مرَّة، وتُرجِمَت إلى عددٍ من اللغات - بمنِّ الله وفضله -، وقد رأيتُ لمَّها في هذا المجموع، ورتَّبتُها فيه حسب الأسبقية في تأليفها ونشرها، وهي: 1- دروسٌ عقيدة مُستفادة من الحج. 2- الحج وتهذيب النفوس. 3- خطب ومواعظ من حجة الوداع. وكل رسالةٍ من هذه الرسائل الثلاث تشتمل على ثلاثة عشر درسًا، لكل درسٍ منها عنوانٌ مُستقل، يمكن الاستفادة منها بقرائتها على الحُجَّاج على شكل دروسٍ يومية».

    الناشر: موقع الشيخ عبد الرزاق البدر http://www.al-badr.net

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/344681

    التحميل:

  • الإيمان: حقيقته وما يتعلق به من مسائل

    الإيمان: حقيقته وما يتعلق به من مسائل: في هذا الكتاب أوضح المؤلف - حفظه الله - مسائل الإيمان والكفر، وقسَّم ذلك في ستة فصول، وهي: الفصل الأول: ثمرات الإيمان، ومفهوم الإسلام والإيمان. الفصل الثاني: زيادة الإيمان ونقصانه، ومراتبه. الفصل الثالث: الاستثناء في الإيمان. الفصل الرابع: في الكفر والتكفير. الفصل الخامس: موانع التكفير. الفصل السادس: الصغائر والكبائر، وموانع إنفاذ الوعيد.

    الناشر: موقع دعوة الإسلام http://www.toislam.net

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/355723

    التحميل:

اختر سوره

اختر اللغة